من «إنتي معلمة» إلى «أقوى ميكس».. هل أصبح الفن مختصرًا في مقاطع قصيرة؟

كتب: محمود فتحي

في السنوات الأخيرة، أصبح من النادر أن تجد أغنية تتجاوز مدتها ثلاث دقائق تحقق رواجًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، في المقابل، شهدنا صعودًا سريعًا للأغاني القصيرة، التي لا تتجاوز دقيقة أو دقيقة ونصف. هذا النوع من الأغاني، الذي أصبح يُعرف بـ”أغاني التيك توك”، يتم إنتاجه خصيصًا لتلبية متطلبات منصات السوشيال ميديا، ما يجعلها تنتشر بسرعة، ولكن ربما تختفي بنفس السرعة.

أغاني التيك توك ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من المشهد الموسيقي الحالي، وبينما يرى البعض في هذه الأغاني فرصة للانتشار السريع، يراها آخرون تهديدًا لجودة الفن. فهل تختصر هذه الأغاني لحظة السماع فقط، أم أنها تعيد تعريف مفهوم النجاح في عصر السرعة؟

من أغنية كاملة إلى مقطع تريندي

ظهر هذا الاتجاه بشكل جلي في أغاني مثل “إنتي معلمة” لحسن شاكوش، و”أقوى ميكس” لـ DJ مصطفى أبو حجر، التي انتشرت بشكل كبير عبر مقاطع الرقص أو الريأكت على تيك توك وإنستجرام. العديد من الفنانين بدأوا يعتمدون على مقاطع موسيقية أو بصرية مميزة لصناعة “التريند” دون الحاجة لبناء أغنية متكاملة.

وفقا لمنصة Spotify for Artists، فإن 38% من الأغاني التي تتصدر الترندات حاليًا مدتها أقل من دقيقتين، هذه الأرقام تعكس تحولًا كبيرًا في تفضيلات الجمهور واهتمام شركات الإنتاج بتقديم أغاني تناسب المنصات الاجتماعية التي تزداد أهمية في عالمنا اليوم.

حكم_سماع_الاغاني من «إنتي معلمة» إلى «أقوى ميكس».. هل أصبح الفن مختصرًا في مقاطع قصيرة؟

تأثيرات على صناعة الفن

بدأت شركات الإنتاج في تعديل سياساتها استجابة لهذا التغير، حيث أصبح يُفضل إطلاق أغاني قصيرة مع فيديوهات سريعة التقطيع، تتناسب مع طبيعة منصات مثل تيك توك. هذه الاستراتيجية تساعد في جذب الانتباه بسرعة وتزيد من فرص انتشار الأغنية في وقت قياسي.

حتى بعض الفنانين الكبار مثل عمرو دياب وتامر حسني، بدأوا في طرح مقاطع قصيرة من أعمالهم قبل إصدار الأغنية الكاملة، لجذب التفاعل المبكر وتفاعل الجمهور بشكل أكبر.

2d4e9168-b9ee-4eed-9e4e-ff95d379e751 من «إنتي معلمة» إلى «أقوى ميكس».. هل أصبح الفن مختصرًا في مقاطع قصيرة؟

هل يتراجع الذوق العام؟

هذه الظاهرة أثارت الكثير من النقاشات بين النقاد، يرى البعض أن هذه الأغاني “اللحظية” تفقد الجمهور الإحساس بالعمل الفني الكامل، من حيث الكلمات والتوزيع والمحتوى العاطفي، بالنسبة لهم، لا تعد هذه الأغاني سوى ترفيه عابر لا يعكس جمالية الفن الحقيقي.

على الجانب الآخر، يدافع آخرون عن هذه الظاهرة، معتبرين أنها جزء من التطور الطبيعي في وسائل التلقي، فالفن، وفقًا لهذه الرؤية، يجب أن يواكب روح العصر ومتطلبات الجمهور الذي يستهلك المحتوى بشكل أسرع.

عزيز الشافعي: النجاح الآن مرتبط بمدى قابلية الأغنية للانتشار

في تصريحات صحفية، صرّح الملحن عزيز الشافعي قائلاً: “النجاح الآن مرتبط بمدى قابلية الأغنية للانتشار على السوشيال ميديا، مش بالحجم أو الطول”

وأوضح أن هذه العبارة تلخص كيف أصبح المقياس الرئيسي للنجاح الفني مرتبطًا بانتشار الأغنية على منصات التواصل الاجتماعي، بدلاً من التركيز على قيمة الأغنية الفنية.

198448-WhatsApp-Image-2021-09-24-at-9.15.00-PM من «إنتي معلمة» إلى «أقوى ميكس».. هل أصبح الفن مختصرًا في مقاطع قصيرة؟

رامي جمال: الناس بتاخد جملة أو كوبليه وتنسى باقي المجهود

من جهته، عبّر المطرب رامي جمال عن قلقه من تراجع قيمة الألبومات الكاملة، قائلاً: “الناس بتاخد جملة أو كوبليه، وتنسى باقي المجهود”.

هذا التصريح يعكس تخوفه من أن تكون الأغاني القصيرة قد أسهمت في تقليص الاهتمام بالأعمال المتكاملة التي تعتمد على رؤية فنية طويلة.

كما بدأت بعض المدارس الفنية إطلاق ورش لتعليم “صناعة التريند” في الموسيقى، وهو ما يُعد مؤشرًا على تغيّر جذري في منهجية التلحين والإنتاج، والتركيز على التفاعل السريع مع الجمهور.

 

مشاركة علي

إرسال التعليق