السوشيال ميديا والفن.. هل تخلق النجوم الوهميين؟

كتب: محمود فتحي

في عصر الشبكات الاجتماعية، بات النجاح الفني لا يُقاس فقط بعدد الحفلات أو مبيعات الألبومات، بل أصبح يعتمد بشكل كبير على عدد المتابعين والتفاعلات، بعض الفنانين يحققون صعودًا سريعًا عبر “التريند”، دون أن يكون لديهم إنتاج فني متماسك أو تاريخ فني واضح.

وهنا تثار تساؤلات هامة: هل أصبح “التريند” وسيلة لصناعة النجوم الوهميين؟ وهل أصبح التفاعل الرقمي بديلاً عن الموهبة والجهد الفني الحقيقي؟
الفن الرقمي: بين الواقع والانطباع المزيف.

منصة مثل “تيك توك” حولت مقاطع الفيديو القصيرة إلى وسيلة لتلميع أسماء غير معروفة، مما أدى إلى أن بعض المغنين والممثلين يحظون بمتابعة جماهيرية بالملايين رغم افتقارهم إلى الإنتاج الفني الحقيقي. بينما يقاوم فنانون آخرون، يمتلكون مواهب حقيقية، في سبيل الوصول للجمهور بسبب صعوبة “اللعب مع الخوارزميات”.

860885_0.jpeg السوشيال ميديا والفن.. هل تخلق النجوم الوهميين؟

 نجاحات مشكوك فيها

من النجاحات المشكوك فيها، أغنية “سيتا وسمسم” والتي تصدرت بشكل كبير تريند موقع التواصل الاجتماعي “تيك توك” رغم أنها تفتقر إلى المضمون الفني الواضح.

فمطربو المهرجانات الإلكترونيين، مثل العديد من المطربين الذين ظهروا فجأة بمتابعة جماهيرية ضخمة ثم اختفوا، ما يطرح تساؤلات حول حقيقة هذه الشهرة.

images-1 السوشيال ميديا والفن.. هل تخلق النجوم الوهميين؟

الأثار السلبية للظاهرة

للظاهرة العديد من الأثار السلبية، فبينما منحت السوشيال ميديا فرصًا للفنانين للوصول إلى جمهور أوسع، فإن لها العديد من السلبيات التي لا يمكن تجاهلها، وهو ما نستعرضه فيما يلي:-

غياب معايير التقييم الفني.. السوشيال ميديا أزاحت الناقد الفني المتخصص، وأعطت الجمهور سلطة كاملة للتقييم اللحظي، ما أدى إلى تصدر مشاهد وأعمال لا تمت للجودة بصلة.

زيف الشعبية الرقمية.. بعض الفنانين يلجأون إلى شراء المتابعين أو استخدام برامج لزيادة التفاعل، مما يخلق “نجاحًا رقميًا وهميًا” لا يعكس الواقع الفعلي للجماهير.

هوس التريند لا يعني الاستمرارية.. الكثير من الأسماء التي صعدت بسرعة عبر السوشيال ميديا اختفت لاحقًا لأنها لا تمتلك عمقًا فنيًا حقيقيًا أو قاعدة جماهيرية واسعة خارج الإنترنت.

PLACEHOLDER_image3-780x470-1 السوشيال ميديا والفن.. هل تخلق النجوم الوهميين؟

آثار الظاهرة على الساحة الفنية

لا أحد يستطيع أن ينكر آثار الظاهرة على الساحة الفنية، والتي شهدت العديد من التأثيرات التي يمكن لأحد أن يتجاوزها، وهو ما نستعرضه فيما يلي:-

الإضرار بالمواهب الحقيقية.. وسط تصدر المحتوى الخفيف أو المبتذل، يجد الفنانون الجادون صعوبة في الوصول إلى الجمهور بسبب الفوضى العارمة للمحتوى السطحي.

تسليع الفن وتحويله إلى محتوى رقمي سطحي.. أصبح الهدف الرئيسي هو كسب التفاعل السريع على حساب تقديم رسائل فنية هادفة أو مضامين ذات قيمة، ما يؤدي إلى تأثير سلبي على هوية الفن العربي.

ظهور طبقة جديدة من “المؤثرين الفنيين”.. هذه الطبقة لا تعتمد على الإنتاج الفني بل على الصورة والإثارة، وهو ما يربك المعايير الفنية التقليدية ويخلق حالة من التشتت بين الفن الحقيقي والرقمي.

social-media-5187243_1280 السوشيال ميديا والفن.. هل تخلق النجوم الوهميين؟

بينما منحت السوشيال ميديا الفرصة للعديد من المبدعين الحقيقيين للوصول إلى جمهورهم، فإنها في الوقت نفسه فتحت المجال أمام فنانين مزيفين لتحقيق الشهرة الزائفة التي لا تستند إلى قيمة فنية حقيقية، وبينما يبقى للجمهور حق التفاعل، فإن غياب التقييم المهني يجعل من “التريند” فخًا يمكن أن يسقط فيه الذوق العام، ويعرض الفن للتهديد.

مشاركة علي

إرسال التعليق