التريند وثقافة تشكيلِ الرأيِّ العامِّ في العصر الرقميِّ

د. علاء الديب يكتب:

أصبحت الشبكات الاجتماعية جزءًا مشتركًا في الحياة اليومية لعديدٍ من الأشخاص، حيث يقضي المستخدمون مزيدًا من الوقت عليها، ويخلقون بصمةً رقميةً نشطةً وفعالة من خلال تفاعلهم مع الموضوعات الأخـرى، وتتمتع هذه البيانات بإمكاناتٍ بحثيةٍ عاليةٍ في عديدٍ من المجالات؛ لأن فهـم تواصل الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي أمر ضروري لفهم مواقفهم وخبراتهم وسلوكياتهم.

ومنذ ظهور شبكة الإنترنت أصبحت عملية الوصول إلى المعلومات واستخدامها أسهل من ذي قبل سواء في المجالات العامة أو الإعلام بكل أشكاله الرقمـي المطبـوع والمسموع والمرئي، إلا أن عملية التعامل مع الكم الهائـل مـن المعلومات والقدرة على فهمها ليس أمرًا سهلًا في كثير من الحالات، لذا قد رافق تطور الإنترنت تطور في الأدوات والأساليب والتقنيات التي يمكن إستخدامها في التعامل مع كثافة المعلومات ومن ثَمَّ إيصالها إلى المستفيدين.

كما دفعت التطورات الهائلة في وسائل الإعلام، خاصة الإنترنت الذي يضخ معلومات كبيرة في وقت وجيز، المؤسسات الإعلامية إلى الاستغلال الأمثل للتكنولوجيا وابتكار أساليب جديدة تسهم في لفت انتباه المتلقي والحفاظ على الجمهور.

وأضحت وسائل التواصل الاجتماعي إحدى الروافد المهمة لإنتاج الأخبار ونشرها نظرًا لما تتميز به تلك البيئة الاتصالية الجديدة من سمات تفاعلية (مشاركة – تعليق- وغيرها) تجعلها قادرةً على بناء أجندة الجمهور، بل وبناء أجندة وسائل الإعلام الأخرى تجاه بعض القضايا والمشكلات، أو الأحداث التي يمر بها المجتمع.

كما أصبح لوسائل التواصل الاجتماعي بوصفِها مصدرًا للمعلومـات فـي المجتمعات خاصة بعد انتشار الفضائيات، وتزايد الاعتماد على الإنترنت والمواقـع الإلكترونية، تأثيرًا على آلية تـداول الأخبـار والمواضيع الصحفية؛ حيث أصبحت محركًا لكتابة عدد من المواضيع الصحفية التي ربما لم تستقطب المؤسسات الإعلامية في السابق، ولكن بعد ظهور “صحافة التريند”، أصبح الصحفيون أكثر ميلًا لكتابة وتقديم محتوى يغرى الجماهير.

كما فرضت مواقعُ التواصل الاجتماعي تغيراتٍ جمةً على طبيعة العمل الصحافي ومحتواه، للدرجة التي عززت من محاولات المواقع الصحافية المصرية مسايرة تلك المتغيرات، حتى لو جاء ذلك على حساب انتهاك مخالفة مواثيق العمل الصحافي المتبعة، للحصول على أعلى الزيارات باستغلال “التريند”.

ولا شك أنَّ المحتوى الرائج (التريند) أضحى واحدًا من أهم المحتويات الإعلامية التي يتابعها الجمهور، وتحاول وسائل الإعلام ومن بينها الصحف الإلكترونية رصده وتغطيته، والحديث عنه، ومتابعة تطورات الأحداث الخاصة به.

وأصبح “التريند” محركًا لوسائل الإعلام، حتى خُصصت له أبواب وبرامج تعرض ما يتداوله الناس على مواقع التواصل الاجتماعى، بصفته القضية الأهم التى تشغل الناس، ومع كل “تريند” تتجدد الانتقادات للإعلام والصحافة لتركها هموم وقضايا الوطن بحثًا عن مزيدٍ من المشاهدات وعلامات الإعجاب، وبالتالى مزيد من الإعلانات والعائدات المالية.

وتتجه مواقع الصحف الإلكترونيـة، في ظل تعدد المنصات الاجتماعية التي توفر مضامين مختلفة بأساليب جاذبـة، لمعالجة الموضوعات الرائجة “التريند”، على مواقع التواصل، بغض النظر عن أهميتها وصلاحيتها للنشر، وربما تستخدم عناوين لا تتعلق بالمضمون، وصورًا مثيرةً، لإثارة الجدل الذي يوفر لها الانتشار وتحقيق القراءات والمشاركات، بغـض النظر عن مدى قبول أو رفض الجمهور لهذا النوع من المحتوى، وذلك لفرض نفسها على الساحة الإعلامية وعلى تلك المنصات وتضمن بقائها ومواكبتها للتطور التكنولوجي، وتحقق الانتشار السريع بين جمهور بات ينافسها بمتابعته للتريند وصناعة المحتوى بنفسه وتقديمه لغيره.

وتؤكد نتائج إحدى الدراسات الأكاديمية في هذا الشأن أنَّ الموقع الإلكتروني لصحيفة “اليوم السابع” يهتم بما يبحث عنه القارئ وفقا لما يظهره متصفح “جوجل”، وعلى ما يظهر كـ “تريند”، ومن ثم تغطية هذه الموضوعات وتقديمها للجمهور المستهدف.

وتُعَرَّفُ كلمة trend، في قاموس كامبريدج، بأنه اِتِّجاه أو نَزْعة أو تطور عام أو تغيير في الموقف أو في الطريقة التي يتصرف بها الناس، وفي قاموس merriam-webster، بأنه اتجاه أو ميل سائد أو انجراف نحو شيء ما أو رواج أو تأرجح أو نهج يتعلق بالجديد في الأبحاث أو توليد وجذب الكثير من الاهتمام أو الانتباه خاصة عبر الإنترنت وفي وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي معجم أكسفورد، فإن كلمة “trend”، تعني الاتجاه العام الذي يتغير فيه الوضع أو يتطور.
وفي 9 سبتمبر 2023، قررت لجنة الألفاظ والأساليب بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، إجازة كلمة “التريند” المتعلق بمواقع التواصل الاجتماعيّ، وعرفتها بأنها موضوع ساخن جديد يُثار على منصّات مواقع التواصل الاجتماعيّ، فينتشر بسرعة في مدةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ، ويهتمُّ به الجمهورُ، ويتداولونه بالحديث فيه والتعليق عليه، ويتبادلون الأخبار عنه بكثرة، والجمع (التريندات)، وأفادت أن وجه الاعتراض هو عدم ورودها في المعاجم، وأن وجه الإجازة بأن التريند كلمة معرَّبة عن الأصل الإنجليزي trend بمعنى: اتِّجاه أو نَزْعة أو مَيْل أو موضة.

وبِنَاءً على ما سبقَ، وتأسيسًا عليه، فإنَّ كلمة (Trend) تشيرُ إلى إلى الاتجاه العام الذي تتبعه المواضيع على مر الزمان، ويمكن تعريفه على أنه انتشار خبر أو حدث بشكل كبير في فترة زمنية محددة، ويشمل موضوعات متنوعة مثل الأحداث العالمية المهمة والأخبار الساخنة وقد يكون متعلقًا بالملابس أو السيارات أو التكنولوجيا أو السياسة أو أي مجال من مجالات الحياة الأخرى.

كما يشيرُ مفهومُ التريند إلى أنه اتجاه عام يتطور أو يتغير نحو شيء ما، وفي سياق وسائل التواصل الاجتماعي، الاتجاه هو موضوع أو هاشتاج أصبح شائعًا فجأة ويتم مناقشته من قبل العديد من الأشخاص، يمكن أن تكون الاتجاهات حول أي شيء بِدءًا من الأحداث الجارية إلى الثقافة الشعبية إلى التجارب الشخصية.
وفي الأوساط العامية المصرية يعرف بأنه الموضوع أو الحدث الذي يحظى باهتمام الناس خلال فترة زمنية معينة، وببساطة يمكن تعريفه بأنه المرادف لكلمة موضة.

والتريند في شبكات التواصل الاجتماعي هو عادة جديدة على تصرفات البشر تصبح شائعة بينهم؛ وتوصف في عالم التواصل الاجتماعي، بأنها كلمات مفتاحية أو صور أو مقاطع فيديو منتشرة يجري تداولها بين الأشخاص وتأخذ حيزًا كبيرًا من التداول.
ويعرف “تريند” مواقع التوصل الاجتماعي بأنه الموضوعات التي تنتشر بين المستخدمين بشكل هائل فيروسي Viral لتصبح محورًا للجدل، وقد يبدأ من خارج الدولة الرائج بها، ويجتذب محتواه الجمهور من خلال تفاعلهم بتعليقات أو تغريدات أو مشاركة أو هاشتاج بحيث تشكل أبرز الاتجاهات السائدة Trending بين النشطاء، وتعني الكلمة بالدارج أو السائد، فهو حالة من الحديث على نطاق واسع حول موضوع داخل البلد الواحدة أو منطقة بأكملها أو العالم، وكلما ارتبط بالناس كلما انتشر أكثر.
وهو الظاهرة التي تحدث عندما يتم تداول موضوع أو فكرة أو مضمون معين بشكل واسع وشديد الانتشار عبر وسائل الإعلام المختلفة، مثل: الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ويعزى نجاحه إلى تفاعل الجمهور معه، وقدرته على إثارة الاهتمام والمشاعر والمصالح المشتركة، وغالبًا ما يكون له دور مهم في تحديد الموضوعات التي يهتم بها الجمهور وفي توجيه الحوار العام، ولا يقتصر المحتوى الرائج على المحتوى الترفيهي أو الخفيف؛ بل يمكن أن يكون خفيفًا أو جادًا، إيجابيًا أو سلبيًا أو محايدًا في التأثير.
ويعرف بأنه الأحداث التي يتم تداولها بشكل موسع وتلقى رواجًا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتمـاعي، وتتسـم بالظهور فجأة والاختفاء تدريجيًا ما لم يطرأ عليها جديد.

والتريند هو الموضوعات التي يتم ذكرها بمعدل أكبر من غيرها، ويطلق عليها “الموضوع الشائع”، وذلك من خلال الجهود المتضافرة من قبل المستخدمين (كما هو الحال في الترويج لمرشح انتخابي)، أو بسبب حدث يدفع الناس إلى التحدث عنه مثل مسلسل تلفزيوني أو زلزال.
ويُعَدُّ التريند في مواقع التواصل من أشهر الكلمات في الوقت الحالي، ويعني المحتوى الذي يحظى بانتشار سريع بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك – تويتر – انستغرام – يوتيوب) وغيرها، ويمكن أن يكون مقطع فيديو أو صورة أو منشور أو هاشتاج أو غير ذلك من المجالات التي تعكس توجهات الجمهور واهتماماته.
ويعرف بأنه حديث يطفو على السطح وأمر قابل للنقاش يصنعه الناس والرأي العام في أي قضية أو ظاهرة أو مشهد مصور يستفز الناس ويصبح هناك رأي عام حوله، أي جميع الناس يتفقون على أن ترى وتتفاعل مع المشهد أو اللقطة أو الفيديو، سواء باتجاهات سلبية أو إيجابية، وقد يمتد هذا التفاعل من ساعات لأوقات طويلة، حتى يأتي التريند آخر يحلّ محله، ، وليس شرطًا أن يكون الحديث حوله فقط على مواقع التواصل الاجتماعي، بل نحمله أيضًا للواقع ونتحدث عنه.
والتريند هو أن يصبح حدثٌ ما مهما كانت درجة أهميته موضوعًا لحديث الناس لأيام أو حتى أسابيع فيحصد أكبر عدد من المشاهدات والتعليقات والإعجاب من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.
«التريند» هو مصطلح يستخدم في الإشارة للمواضيع الأكثـر تداولًا بين المستخدمين علىَ منصات التواصل الاجتماعي من خلال وسم (هاشتاغ) أو موضوع محدد، ويكون التداول شائعًا في فترة زمنية محددة لا تزيد في كثير من الأحيان على بضع ساعات أو أيام قليلة على أقصى تقدير، ويتشكل عبر بعض التقنيات وعلى رأسها تقنيـة الوسـوم التي تسمح بـبـروز نفس الموضـوع عند استخدامه من طرف المستخدمين، وذلك باجتماع المكان المناسب بالتوقيت واللحظة والأشخاص المناسبين.
ورُغْمَ إهمية التريند كمحرك ومُوَجِّه للجمهور في العصر الرقمي، إلا أن المؤسسات الصحفية والصحفيين ينقصهم ثقافة الانتقاء وحسن الاختيار للقضايا والأحداث والموضوعاتِ التي تصلح لأن تكون Trend، من خلالِ التركيز على القضايا ذات الشأن والقيمة محليًا وإقليميًّا ودوليًّا، والعمل على الارتقاء بذوق الجمهور وتنمية حاسته الاجتماعية، وتوجيهه نحو القضايا والموضوعاتِ الجوهرية التي تشكل هُويَّتَنا وثقافتَنا، ولا تتناقض أو تتعارض مع قيمنا الأصيلة التي نشأنا وتربينا عليها في ظِلالِ الهَديِّ النبويِّ، وتحتَ ظِلالِ الشريعةِ الغراءِ، فإذا راعى التريند ذلك؛ كان عاملًا من عوامل البِنَاء الإيجابي في المجتمعِ الإسلامي، وإذا خالفَ ذلكَ؛ كانَ مُعولَ هدمٍ كالسوسِ ينخرُ في جسمِ المجتمعِ الإسلاميِّ ويقَوِّضُ أركانَه!!!

مشاركة علي

إرسال التعليق