في حواره مع «إيجي ترند ماكس».. وكيل كلية الدعوة: الإعلام قد يروج للانتحار دون قصد إذا افتقد المهنية

حاوره أحمد طنطاوي:

تُعدّ ظاهرة الانتحار من القضايا المجتمعية الخطيرة التي باتت تُثير قلقًا متزايدًا في مصر، خاصةً مع تصاعد معدلاتها بين فئة الشباب خلال السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من تعدد العوامل المؤدية إلى هذه الظاهرة، فإن الأسباب النفسية والاجتماعية والاقتصادية تظل في مقدمة الدوافع التي تقود الأفراد إلى اتخاذ هذا القرار المؤلم. ونظرًا لخطورة الأمر، أصبح من الضروري تسليط الضوء على أبعاد الظاهرة، والبحث عن سبل فعالة للتعامل معها والحد من تفشيها.

وفي هذا السياق، أجرينا حوارًا مع الدكتور صلاح محمود الباجوري، وكيل كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة للدراسات العليا والبحوث، للوقوف على أبرز أسباب انتشار الظاهرة، ومناقشة الحلول الممكنة من منظور ديني واجتماعي، إلى جانب دور المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية في مواجهتها.

كيف ترى انتشار ظاهرة الانتحار في المجتمع المصري، خاصة بين الشباب؟ وما أبرز العوامل التي ساهمت في تزايدها؟

تعد ظاهرة الانتحار من أخطر الظواهر التي تواجه المجتمعات، لا سيما إذا انتشرت بين الشباب، فهم عماد الأمة ومستقبلها، ومن المؤسف أننا نشهد تزايدا ملحوظا في هذه الحالات، مما يعكس وجود مشكلات عميقة تتطلب معالجة جادة.

وهناك العديد من العوامل التي تسهم في تفشي هذه الظاهرة، منها ضعف الوازع الديني، والتأثر بالأفكار السلبية المنتشرة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع البعض إلى الشعور باليأس والإحباط.

 

IMG-20250320-WA0002-e1746923892661 في حواره مع «إيجي ترند ماكس».. وكيل كلية الدعوة: الإعلام قد يروج للانتحار دون قصد إذا افتقد المهنية

ما العوامل النفسية والاجتماعية التي قد تدفع بعضَ الشباب إلى التفكير في الانتحار؟

هناك عوامل نفسية متعددة، مثل الاكتئاب الحاد، والاضطرابات النفسية، والشعور بالوحدة والعزلة، وعدم توفر دعم نفسي واجتماعي كاف.

كما أن الضغوط الأسرية والمجتمعية قد تجعل بعض الشباب يشعرون بعدم القدرة على مواجهة هذه التحديات، فيلجؤون إلى الانتحار كحل أخير، وهو بالطبع حل خاطئ يتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف الذي يدعو إلى الصبر وحسن التوكل على الله تعالى، وضرورة الأمل الذي لا ينبغي أن ينقطع أبدا.

إلى أي مدى تؤثر الظروفُ الاقتصاديةُ وضغوطُ الحياةِ على تفاقم هذه الظاهرة؟

لا شك أن الضغوط الاقتصادية لها دور كبير في تفاقم الشعور بالإحباط واليأس، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة وصعوبة توفير متطلبات الحياة الأساسية، ومع ذلك فإن الإسلام يعلمنا أن الرزق بيد الله تعالى وحده، وأن الإنسان يجب عليه أن يسعى ويجتهد، ويضرب في الأرض، ولا يستسلم للضغوط، بل يواجهها بالصبر والأمل.

لماذا أصبحت “حبةُ الغلة” وسيلةً شائعةً للانتحار في مصر؟ وما مدى خطورة توافرها وسهولة الحصول عليها؟

أصبحت “حبة الغلة” للأسف وسيلة سهلة للانتحار بسبب توافرها في الأسواق الزراعية، وانخفاض سعرها، وعدم وجود رقابة كافية على بيعها.

وتكمن خطورتها في كونها مادة سامة للغاية تتسبب في الوفاة خلال وقت قصير (هكذا يقول المتخصصون)، مما يجعل من الصعب إنقاذ من يتناولها. لذا، لا بد من وضع ضوابط صارمة على تداول هذه المادة، وتوعية الناس بخطورتها.

4485518561573645528 في حواره مع «إيجي ترند ماكس».. وكيل كلية الدعوة: الإعلام قد يروج للانتحار دون قصد إذا افتقد المهنية

هل ترى أن هناك قصورا في دور المؤسسات الدينية والتعليمية في توعية الشباب بمخاطر الانتحار وطرق مواجهته؟

المؤسسات الدينية والتعليمية لا تألوا جهدا في مواجهة مثل هذه الظواهر السلبية والمرفوضة في مجتمع المسلمين، وذلك من خلال المنابر المختلفة، ولكننا نحتاج إلى مزيد من المواجهة، مع تعزيز الدور المهم الذي تقوم به هذه المؤسسات.

ولا شك أن الإسلام ينهى عن الانتحار، ويؤكد على حرمة النفس البشرية، ولكن التوعية يجب أن تكون أقرب إلى الشباب، من خلال مناهج تعليمية وبرامج توعوية في المدارس والجامعات، وكذلك عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

كيف يمكن للمجتمع توفير دعم نفسي واجتماعي أكثر فاعلية للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو الضغوط النفسية؟

يحتاج المجتمع إلى تعزيز ثقافة الدعم النفسي، سواء داخل الأسرة أو في المؤسسات المختلفة، ويجب أن يشعر الفرد بأنه ليس وحيدا في مواجهة مشاكله، كما أن تيسير الوصول إلى الاستشارات النفسية والدعم الاجتماعي دون وصم أو تمييز، يعد أمرا بالغ الأهمية.

ما تقييمك لدور الإعلام في تناول ظاهرة الانتحار؟ وهل تعتقد أنه قد يساهم أحيانا في الترويج لها بشكل غير مباشر؟

يلعب الإعلام دورا رئيسا في تشكيل وعي المجتمع، لكنه أحيانا قد يساهم في نشر الظاهرة من خلال تغطيات غير مسؤولة، مثل نشر تفاصيل طرق الانتحار، أو تصوير المنتحرين كضحايا دون تسليط الضوء على الحلول.

لذا، لابد من اتباع معايير مهنية وأخلاقية في تناول هذه القضايا، بحيث يكون التركيز على التوعية والتحذير بدلا من الترويج غير المقصود.

هل تعتقد أن القوانين الحالية كافية للحد من انتشار المواد السامة مثل “حبة الغلة”؟ وما التعديلات التي يمكن اقتراحها في هذا الصدد؟

تحتاج القوانين إلى تشديد فيما يخص تداول المواد السامة، بحيث يقتصر بيعها على الجهات المختصة، مع فرض رقابة صارمة وعقوبات رادعة على من يبيعها دون ضوابط، كما يجب توفير بدائل آمنة للمزارعين حتى لا يعتمدوا على هذه المادة بالشكل الحالي.

ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية، وخاصة الأزهر الشريف في مواجهة هذه المشكلة من الناحيتين الدينية والإنسانية؟

يملك الأزهر الشريف دورا عظيما في توعية الناس، وهو بالفعل يبذل جهودا كبيرة في هذا المجال، لكنه يحتاج إلى تكثيفها من خلال خطب الجمعة والندوات والبرامج الإعلامية والمشاركة في حملات التوعية. إلى جانب تقديم حلول عملية لدعم الشباب نفسيا واجتماعيا.

في رأيك، ما الحلول الفعالة التي يمكن تطبيقها على أرض الواقع للحد من ظاهرة الانتحار في مصر؟

تبدأ الحلول من الأسرة، التي يجب أن يكون بينها وبين أبنائها تواصل فعال. كما يجب توفير دعم نفسي واجتماعي متاح للجميع، مع تعزيز دور المؤسسات الدينية في نشر ثقافة الأمل والصبر.

ولا بد أيضا من تحسين الأوضاع الاقتصادية وتوفير فرص عمل للشباب، إلى جانب تشديد الرقابة على تداول المواد السامة وتعزيز الدور الإيجابي للإعلام في نشر الوعي.

وفي ختام الحوار أعرب الدكتور صلاح الباجوري، وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر، عن دعمه الكامل لمشروع “إيجي ترند ماكس”، واصفًا إياه بأنه مشروع علمي رائد يهتم بتحليل التريندات وتأثيرها على المجتمع. وأوضح أن وسائل الإعلام الحديثة تمارس تأثيرًا بالغًا على الناس، حيث يندفع كثيرون لتصديق ما يُنشر فيها، رغم أن كثيرًا من تلك المحتويات قد تكون مجرد شائعات.

وأكد الباجوري أن طلاب الأزهر يضطلعون بدور مهم في توضيح الصورة الصحيحة للإسلام، مشددًا على أن هذا الجهد يُعد مهمة جليلة تتطلب الوعي والتأصيل العلمي، لا سيما في مواجهة ما تنشره بعض المنصات من معلومات مغلوطة أو مضللة.

مشاركة علي

تعليق واحد

comments user
أنور أحمد

بالتوفيق يا احمد استمر 🧡🌹❤️🧡

إرسال التعليق