أجرى الحوار عبدالله القزاز
في ظل التوسع الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي ودورها المتزايد في نشر المعلومات، أصبح من الضروري النظر إلى تأثير هذه المنصات على الوعي المجتمعي، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية.
في هذا السياق، التقى موقع “EG TREND MIX” بالدكتور رامي لبيب علم الدين، الأكاديمي والمفكر الاقتصادي، ورئيس الجالية المصرية في مملكة البحرين، وكذلك ممثل الاتحاد العام للمصريين بالخارج، والذي يتمتع بخبرة طويلة في تحليل القضايا الاقتصادية وله دور بارز في توجيه الرأي العام المصري، سواء في الداخل أو بين المغتربين.
وخلال هذا الحوار، نستعرض معه تأثير الترندات الاقتصادية على المجتمع، وكيفية تأثير السوشيال ميديا على الوعي الاقتصادي.
كيف ترى ظاهرة تحول الملفات الاقتصادية إلى “ترند” على منصات التواصل الاجتماعي؟
التحول الذي شهدناه في السنوات الأخيرة من اقتصار القضايا الاقتصادية على المتخصصين إلى جعلها موضوعًا عامًا يناقشه الجميع عبر السوشيال ميديا يعكس حالة من الوعي المتزايد بين الناس.
إلا أن هذه الظاهرة قد تحمل بعض المخاطر إذا لم يتم التعامل مع المعلومات الاقتصادية بعناية، فهناك جانب من التبسيط المبالغ فيه أو تداول معلومات غير دقيقة قد يؤدي إلى ارتباك الجمهور. من المهم أن تُنقل هذه القضايا بمسؤولية إعلامية عالية.
هل تعتقد أن الناس تتابع الأخبار الاقتصادية بدافع الوعي والمعرفة.. أم بدافع الفضول والإثارة؟
الدوافع تختلف بشكل كبير، من جهة، هناك فئة من الناس يتابعون الأخبار الاقتصادية بدافع الوعي والمعرفة، مثل أولئك الذين لديهم استثمارات أو المغتربين الذين يتأثرون مباشرة بما يحدث في مصر.
وفي المقابل، هناك جزء آخر من المتابعين الذي ينجرون وراء الأخبار الاقتصادية بدافع الفضول أو بسبب الإثارة، خصوصًا عندما تكون الأخبار متعلقة بأزمات أو تغييرات غير متوقعة، فالتحدي الأكبر هنا هو كيف نستغل هذا الفضول في رفع الوعي بدلاً من إثارة القلق.
هل ترى أن الترندات الاقتصادية تساهم في التوعية أم أنها تسبب حالة من الفوضى والتضليل؟
الترندات الاقتصادية يمكن أن تكون سلاحًا ذا حدين، إذا تم التعامل معها بحرفية، فإنها تساهم في رفع الوعي بين الناس وتثقيفهم، خاصة إذا كانت المصادر موثوقة والبيانات واضحة.
أما إذا تم تركها بدون رقابة أو تم نشرها من قبل غير المختصين، فإنها قد تساهم في نشر الفوضى والارتباك. لذلك، من الضروري أن يواكب الإعلام الرسمي هذه الترندات ويقدم التصحيح الفوري للمعلومات المغلوطة.
بصفتك ممثلًا للجالية بالبحرين، هل لاحظت تأثرهم بالترندات الاقتصادية المنتشرة في مصر؟
بالتأكيد، المصريون في الخارج متابعون دائمًا لما يحدث في وطنهم، وخاصة في المواضيع الاقتصادية التي تمس حياتهم بشكل مباشر مثل سعر الصرف وتحويلات العملة.
ومن خلال تواصلي معهم، ألاحظ أن الكثير منهم يطرحون تساؤلات تكون ناتجة عن التناول المبالغ فيه أو المغلوط لبعض القضايا الاقتصادية.
ونحن كممثلين للجالية نعمل على تقديم الحقائق بناء على مصادر رسمية، وهو أمر بدأ يحظى باهتمام من قبل الدولة من خلال المبادرات التي تستهدف المغتربين.
هل ترى أن تأثير الترندات الاقتصادية يصل إلى نظرة المجتمعات الأخرى لمصر؟
نعم، في العصر الرقمي أصبح تأثير السوشيال ميديا يتجاوز حدود الدول، وبالتالي أصبح الرأي العام الدولي يتأثر بما يُنشر عن مصر على منصات التواصل.
أحيانًا تأخذ بعض المجتمعات المجاورة انطباعات مغلوطة بناءً على الترندات أكثر من التصريحات الرسمية، لذلك، من الضروري أن يكون هناك خطاب إعلامي قوي يعكس الجهود المصرية في الإصلاح الاقتصادي ومشروعات التنمية الكبرى.
هل واجهتم حالات اضطر فيها أفراد من الجالية لتوضيح معلومات اقتصادية مغلوطة تم تداولها على السوشيال؟
نعم، كثيرًا ما يحدث ذلك، خاصة في المواضيع الحساسة مثل سعر الصرف أو تحويلات المغتربين، واضطررنا في بعض الأحيان للتواصل مع مؤسسات رسمية لتوضيح السياق الصحيح للأخبار الاقتصادية.
وكان من الضروري أن يكون هناك متحدثون معتمدون من الجهات الرسمية لضمان تقديم المعلومات بشكل دقيق للجاليات.
لماذا المشروعات القومية الكبرى لا تحظى بنفس الاهتمام على السوشيال مثل الأخبار المثيرة أو المغلوطة؟
المشروعات الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومبادرة “حياة كريمة” تعتبر إنجازات عظيمة، ولكنها لا تجد الاهتمام الذي تستحقه على منصات التواصل.
السبب الرئيسي يعود إلى أن المحتوى الجاد لا ينتشر بنفس السرعة التي ينتشر بها المحتوى الذي يثير الجدل. ولذا، من الضروري أن يُقدّم الإعلام هذه المشروعات بلغة إعلامية جذابة، تعتمد على الفيديوهات القصيرة والقصص المصورة التي تبين فوائد هذه المشروعات للمواطنين.
كيف يمكن للإعلام التقليدي أن يوازن بين الصورة الواقعية للاقتصاد والترندات؟
الإعلام التقليدي، رغم أنه لا يزال المصدر الأساسي للمعلومات الموثوقة، يجب أن يطور أساليبه للتعامل مع سرعة انتشار الأخبار على السوشيال ميديا، ويجب أن يكون هناك تنسيق بين الإعلام التقليدي والمنصات الرقمية لتقديم تحليلات دقيقة وسهلة الفهم، ومكافحة الشائعات في وقتها.
كيف يمكننا كمجتمع إعلامي وأكاديمي أن نستخدم الترندات الاقتصادية بشكل يخدم الوطن؟
الترندات الاقتصادية تمثل فرصة ذهبية لتوجيه الرسائل التوعوية بشكل فعال، يجب أن نُقدّم محتوى علمي مبسط ويعتمد على الحقائق والأرقام الرسمية، مع ضرورة تدريب الأجيال القادمة من الإعلاميين والاقتصاديين على استخدام السوشيال ميديا بشكل واعٍ ومسؤول، ليكونوا قادرين على تصحيح المفاهيم المغلوطة وتعزيز الوعي العام.
ما رسالتك لصناع المحتوى الاقتصادي على منصات السوشيال ميديا؟
رسالتي هي أن يكونوا واعين بمدى تأثير الكلمة في المجتمع، فالمعلومة الاقتصادية تمس استقرار الأفراد والأسر، لذلك، يجب عليهم التأكد من دقة المعلومات قبل نشرها، واستخدام لغة بسيطة ومفهومة مع تجنب التبسيط المفرط.
كما عليهم دعم جهود الدولة في التنمية من خلال محتوى توعوي يُظهر التقدم الحقيقي على أرض الواقع.
الاقتصاد لم يعد مجرد شأن نخبة، بل أصبح موضوعًا يؤثر في حياة كل فرد. ورغم أن الترندات قد تشكل تحديًا، فإنها توفر أيضًا فرصة كبيرة لتعزيز الوعي الوطني إذا تم استخدامها بشكل صحيح.
مشاركة علي
إرسال التعليق