د. رامي لبيب علم الدين.. يكتب:
في عصر السرعة والانفتاح الرقمي، لم يعد الاقتصاد مجرد معادلات ونظريات جامدة، بل أصبح يتأثر بشكل مباشر بالترندات والأحداث الرائجة، سواء كانت متعلقة بارتفاع الأسعار، أو حملات المقاطعة، أو التغيرات السياسية المفاجئة، هذه التحولات لم تعد مجرد ضجيج على وسائل التواصل الاجتماعي، بل باتت عوامل مؤثرة على سلوك المستهلكين والمستثمرين، وأحيانًا على قرارات الحكومات نفسها.
يتفاعل الاقتصاد مع الأحداث الرائجة بطرق متعددة، فمثلًا، ارتفاع الأسعار عندما تنتشر أخبار عن زيادة أسعار السلع الأساسية، يتولد شعور عام بالقلق، مما قد يدفع المستهلكين إلى الشراء بكميات أكبر، فيرفع الطلب، وبالتالي تستمر الأسعار في الصعود، هاشتاجات المقاطعة في السنوات الأخيرة، شهدنا حملات مقاطعة لبعض المنتجات بسبب ارتفاع الأسعار أو لأسباب سياسية.
هذه الحملات قد تؤثر فعليًا على أرباح الشركات المستهدفة، مما يجبرها على إعادة النظر في سياساتها السعرية، الأحداث السياسية أي تغيير في المشهد السياسي، سواء كان انتخابات أو قرارات حكومية، قد ينعكس على سوق المال والاستثمار، حيث يميل المستثمرون إلى الحذر أو الإقبال بناءً على مدى استقرار الأوضاع.
لم تعد القرارات الاقتصادية تُتخذ بناءً على دراسات سوقية فقط، بل أصبح الإعلام، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، لاعبًا رئيسيًا في توجيه الرأي العام، الأخبار المتداولة على المنصات الرقمية قد ترفع أو تخفض أسهم شركات بين ليلة وضحاها، المشاهير والمؤثرون باتوا يوجهون أنماط الاستهلاك بشكل كبير، فمجرد تغريدة أو فيديو قد يؤثر على قرارات ملايين المستهلكين، انتشار الأخبار السلبية، حتى لو لم تكن دقيقة، قد يخلق حالة من الذعر تؤثر على الاقتصاد الفعلي، كما حدث في أزمات سابقة عند انتشار شائعات عن نقص سلع معينة.
يمكن رصد تأثير الترندات في مصر من خلال عدة أمثلة حديثةأسعار السلع: شهدت مصر في فترات متقاربة موجات من ارتفاع الأسعار، وكان التفاعل الشعبي على وسائل التواصل الاجتماعي سببًا في تحرك الحكومة لاتخاذ قرارات مثل تحديد الأسعار أو توفير سلع بأسعار مخفضة القرارات الحكومية: أحيانًا، تجد الحكومة نفسها مجبرة على التفاعل مع الترندات، كما حدث عندما أدى الجدل حول قرارات معينة إلى إعادة النظر فيها أو تعديلها، الاستثمار الأجنبي: المستثمر الأجنبي يتابع عن كثب ما يحدث محليًا، وإذا كان المشهد العام يوحي بعدم الاستقرار، فقد يؤجل قرارات الاستثمار أو يلجأ إلى بدائل أكثر أمانًا.
بدلًا من التأثر السلبي بالترندات، يمكن لرواد الأعمال والمسؤولين الاستفادة منها عبر التحليل الفوري للبيانات تتبع توجهات المستهلكين عبر الإنترنت يساعد الشركات على توقع الطلب والتخطيط بشكل أفضل، التواصل الفعال مع الجمهور الشفافية والرد السريع على المخاوف يمنع انتشار الشائعات السلبية، تحويل التحديات إلى فرص بعض الشركات استغلت الترندات السلبية ونجحت في تحويلها إلى حملات تسويقية ذكية، عززت من تفاعل الجمهور بدلاً من خسارته، الاستثمار في المرونة الاقتصادية الشركات القادرة على التكيف مع المتغيرات تستطيع الاستمرار في السوق، حتى وسط الأزمات.
الاقتصاد لم يعد كيانًا مستقلاً عن الأحداث اليومية، بل أصبح في صلب التفاعلات الرقمية والاجتماعية. من هنا، فإن إدراك تأثير الترندات على الأسواق وسلوك المستهلكين لم يعد رفاهية، بل ضرورة لصناع القرار ورجال الأعمال، حتى يتمكنوا من تحويل هذه المتغيرات إلى أدوات للنجاح بدلاً من أن تكون سببًا في التراجع.
مشاركة علي
إرسال التعليق