تريندات الغضب.. كيف تتحول قضايا اجتماعية إلى ساحات اشتعال على السوشيال ميديا؟

كتب: محمود فتحي

في مشهد أصبح مألوفًا، تتصدر قضايا اجتماعية متفرقة قوائم التريند على منصات التواصل الاجتماعي، ما بين غضب شعبي عارم، ومطالبات بالمحاسبة، وأحيانًا دعوات للمقاطعة، ظاهرة “تريندات الغضب” لم تعد مجرد رد فعل تلقائي من الجمهور، بل أصبحت أداة ضغط فعالة تتجاوز أحيانًا تأثير الإعلام التقليدي وحتى المؤسسات الرسمية.

تريندات الغضب أضحت إحدى أقوى أدوات التعبير الرقمي في العالم العربي، لكنها سلاح ذو حدين، فبينما تمنح الناس صوتًا مسموعًا، تحمل في طياتها مخاطر التضليل والاندفاع، ويبقى التحدي الحقيقي هو إيجاد توازن بين التأثير الشعبي الإيجابي، واحترام المعايير القانونية والمهنية في تناول القضايا الحساسة.

3-9-800x549-1 تريندات الغضب.. كيف تتحول قضايا اجتماعية إلى ساحات اشتعال على السوشيال ميديا؟

أمثلة من الواقع المصري والعربي

في مطلع 2024، أشعل فيديو “فتاة المترو” غضبًا واسعًا بعد انتشار مشاهد لمضايقتها من قبل أحد الركاب، ما أدى إلى تدخل رسمي سريع من الشرطة.

قبلها، قضية أخرى لـ “طبيب شهير” متهم بالإهمال الطبي، تحوّلت إلى تريند حاكم الرأي العام، وأجبرت نقابة الأطباء على إصدار بيان عاجل.

وهناك أيضا تريندات مشابهة شهدتها دولا عربية أخرى مثل الأردن وتونس، في قضايا مرتبطة بحقوق النساء والعنف الأسري.

8ac7c96f-d367-4926-86b7-6820836852d8 تريندات الغضب.. كيف تتحول قضايا اجتماعية إلى ساحات اشتعال على السوشيال ميديا؟

لماذا يتحول الغضب إلى تريند؟

يرى خبراء الإعلام أن الجمهور يجد في السوشيال ميديا وسيلة سريعة للتعبير عن الغضب في ظل بطء الاستجابة الرسمية أحيانًا، فطبيعة المنصات الرقمية، وخاصة X (تويتر سابقا) و TikTok، تتيح سرعة الانتشار وتضخيم الحدث خلال ساعات.

وفقًا لدراسة Digital Media Research Centre عام 2003، فإن المنشورات المرتبطة بالغضب الجماهيري تحقق نسبة تفاعل أعلى بـ70% من غيرها.

التأثيرات والتداعيات المحتملة

في بعض الحالات، أدى تصاعد الغضب الإلكتروني إلى تدخلات مباشرة من الدولة، أو إعادة النظر في قوانين بعينها، ولكن في المقابل، قد يتحول التريند إلى ساحة للفوضى ونشر معلومات غير دقيقة، مما يعقّد من مسار العدالة أو يضر بسمعة أبرياء.

السيطرة-على-الغضب تريندات الغضب.. كيف تتحول قضايا اجتماعية إلى ساحات اشتعال على السوشيال ميديا؟

الانقسام الجماهيري و”محاكم السوشيال ميديا

كثير من التريندات تشهد انقسامًا حادًا في الرأي العام، خاصة عندما تتداخل العوامل الدينية أو الطبقية أو السياسية، فمصطلح “محاكم السوشيال ميديا” برز مؤخرًا في تحليل هذه الظاهرة، حيث يتم إصدار أحكام جماهيرية قبل أي تحقيق رسمي.

ردود الأفعال من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني

بدأت بعض الجهات الحكومية في مراقبة هذه التريندات بجدية، ووصل الأمر إلى إصدار بيانات توضيحية أو فتح تحقيقات عاجلة بناءً على ما يُنشر على السوشيال ميديا.

منظمات حقوقية ترى في هذه التريندات فرصة لإثارة قضايا مسكوت عنها، لكنها تحذّر في الوقت نفسه من التسرّع في إصدار الأحكام الجماهيرية.

مشاركة علي

إرسال التعليق