كتب: محمود فتحي

في تطوّر لافت، بدأ الذكاء الاصطناعي يحتل موقعًا مركزيًا في تشكيل التريندات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لم يعد التريند مجرد نتيجة لتفاعل جماهيري عفوي، بل صار في كثير من الأحيان موجهًا ومصنوعًا بدقة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، هذا التحوّل السريع يفتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على الرأي العام، وحدود تدخله في تشكيل اهتمامات الناس اليومية.

يبقى السؤال الكبير مطروحًا، هل يقود الذكاء الاصطناعي جمهور السوشيال ميديا أم يتبعهم؟ وبينما تستمر الخوارزميات في إنتاج محتوى مصمم خصيصًا لكل مستخدم، فيظل التحدي قائمًا أمام الصحفيين وصناع المحتوى للحفاظ على التوازن بين الانتشار السريع والمصداقية. الأيام القادمة ستُظهر إلى أي مدى يمكن لهذا الذكاء أن يكون خادمًا للوعي أم أداة لفرض الهيمنة على التفكير العام.

كيف يصنع الذكاء الاصطناعي التريند؟

تعتمد خوارزميات المنصات الكبرى مثل TikTok، X ، وInstagram على تحليل سلوك المستخدمين بشكل لحظي، وتعيد ترتيب المحتوى الذي يُعرض لهم بناءً على أنماط التفاعل.

أدوات مثل “ChatGPT” و “Midjourney” و “Runway ML” أصبحت تُستخدم لإنتاج محتوى سريع الانتشار، مثل الفيديوهات القصيرة، النكات، أو حتى الأخبار الزائفة أحيانًا.

وفقًا لتقرير صادر عن مركز Pew Research عام 2024، فإن 63% من المستخدمين في الولايات المتحدة لا يدركون أن جزءًا كبيرًا من المحتوى المنتشر قد تم إنشاؤه أو تضخيمه بواسطة الذكاء الاصطناعي.

أبعاد وتأثيرات هذه الظاهرة

يرى بعض المتخصصين أن الذكاء الاصطناعي أصبح وسيلة لاحتكار الانتباه، حيث يتم تضخيم موضوعات بعينها لتتصدر المشهد الرقمي، بصرف النظر عن أهميتها الحقيقية.

يشير خبراء الإعلام الرقمي إلى أن هذا التوجه قد يؤدي إلى “فقاعات رأي عام”، حيث ينغلق المستخدم داخل دائرة ضيقة من التريندات المصمّمة له خصيصًا، مما قد يخلق انقسامات في الرأي العام.

من جهة أخرى، يرى البعض أن هذه التقنيات تقدم فرصًا غير مسبوقة في التفاعل، وتساعد صناع المحتوى الصغار على الوصول إلى جماهير واسعة بسرعة.

تأثيرات على الإعلام التقليدي وصناعة الرأي العام

دخول الذكاء الاصطناعي إلى ميدان التريندات أعاد تشكيل العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام، حيث أصبح الصحفي مجبرًا على مواكبة “ما تريده الخوارزميات” وليس فقط ما يهم الجمهور.

العديد من المؤسسات الإعلامية بدأت فعليًا في استخدام الذكاء الاصطناعي لرصد التريندات لحظة بلحظة، وتوجيه المحتوى بناءً عليها، ما يعيد ترتيب الأولويات في عملية التغطية الإعلامية.

ردود الأفعال في الوسط الإعلامي والتقني

رحّب بعض الإعلاميين باستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة تحليلية، بشرط أن تظل الأخلاقيات الصحفية حاكمة للعمل الإعلامي.

في المقابل، أعرب بعض الأكاديميين عن قلقهم من تحوّل المحتوى إلى مجرد “صدى” لما تنتجه الخوارزميات، مما يُضعف من وظيفة الإعلام التوعوية والنقدية.