«من البكاء إلى الربح».. كيف حول التسول الإلكتروني وسائل التواصل إلى أداة لاستغلال الجمهور؟

كتب: عبدالله القزاز

في الآونة الأخيرة، انتشرت ظاهرة جديدة على منصات التواصل الاجتماعي حيث يقوم بعض الأشخاص ببثوث مباشرة يطلبون فيها المساعدة المالية من متابعيهم، يعتمد هؤلاء الأشخاص على أساليب متنوعة لجذب الدعم المالي، مثل مشاركة قصص حزينة عن حياتهم، البكاء أمام الكاميرا، أو حتى تهديد المتابعين بإيذاء أنفسهم في حال عدم تلقي المساعدة، فأصبحت هذه الأساليب تستقطب عددًا كبيرًا من المتابعين الذين يشعرون بالشفقة أو المسؤولية تجاه هؤلاء الأشخاص.

ما أثار الجدل في هذه الظاهرة هو تحولها إلى مصدر دخل رئيسي للبعض، على الرغم من أن هؤلاء الأفراد لا يقدمون أي محتوى فعلي ذي قيمة. بل إنهم يعتمدون على استغلال مشاعر التعاطف والرحمة لدى المتابعين لتحقيق مكاسب مالية سريعة، هذه الظاهرة تثير العديد من الأسئلة حول الأخلاقيات التي تحكم استخدام منصات التواصل الاجتماعي، والتأثير النفسي والاجتماعي الذي قد تتركه على المشاركين في هذه الأنشطة.

ووفقاً لتقرير نشرته “الجزيرة نت”، أصبح التسوّل الإلكتروني ظاهرة متزايدة في العالم العربي، إذ يستغل بعض الأفراد تعاطف المشاهدين لتحقيق أرباح مالية ضخمة دون تقديم قيمة حقيقية للمجتمع.

IMG_1421 «من البكاء إلى الربح».. كيف حول التسول الإلكتروني وسائل التواصل إلى أداة لاستغلال الجمهور؟

بداية الظاهرة

بدأ الأمر مع ظهور خاصية إرسال الهدايا الافتراضية على منصات مثل تيك توك وفيسبوك، وهي هدايا يمكن للمستخدمين شراؤها وإرسالها أثناء البث المباشر، ليحصل أصحاب البث على أرباح مالية منها، ومع مرور الوقت، استغل البعض هذه الخاصية، فتحولت البثوث من تقديم محتوى هادف إلى طلب مباشر للأموال.

وكشفت دراسة نُشرت في “المجلة المصرية لبحوث الإعلام” أن تطبيق تيك توك أصبح بيئة خصبة لانتشار ظاهرة التسول الإلكتروني، حيث يعتمد بعض المستخدمين على استراتيجيات مختلفة لاستدرار تعاطف المشاهدين وجذب التبرعات الرقمية.

وأوضحت الدراسة أن هذه الظاهرة لا تقتصر فقط على طلب المال، بل تمتد إلى استغلال مشاعر الجمهور والتلاعب بالعواطف لتحقيق مكاسب مالية، مما يثير تساؤلات حول تأثيرها على ثقافة العطاء والمسؤولية الرقمية.

1071699 «من البكاء إلى الربح».. كيف حول التسول الإلكتروني وسائل التواصل إلى أداة لاستغلال الجمهور؟

أبرز طرق التسوّل

إظهار المعاناة الشخصية، حيث يشارك بعض الأشخاص قصصاً مؤثرة عن الفقر أو المرض أو الأزمات الشخصية لجذب تعاطف المشاهدين.

التهديد بإيذاء النفس، في بعض الحالات، يلوّح البعض بأنه سيؤذي نفسه حال عدم حصوله على دعم مالي.

التحديات التنافسية، تعتمد بعض البثوث على التنافس بين المستخدمين لجمع أكبر قدر من الهدايا المالية، مما يحوّل الأمر إلى سباق لجمع الأموال.

استغلال الأطفال وكبار السن، يظهر البعض مع أفراد من عائلاتهم لإثارة مشاعر المشاهدين ودفعهم للتبرع.

1693317214832 «من البكاء إلى الربح».. كيف حول التسول الإلكتروني وسائل التواصل إلى أداة لاستغلال الجمهور؟

أسباب انتشار الظاهرة

سهولة تحقيق الربح، يرى البعض أن الحصول على المال عبر البثوث المباشرة أسهل من البحث عن وظيفة أو تقديم محتوى هادف.

غياب الرقابة، نظراً لعدم وجود قوانين واضحة تحظر هذا النوع من النشاط، يستمر الأمر دون رادع.

التأثير العاطفي على المشاهدين، يتأثر بعض الأشخاص بالقصص المؤثرة التي يسمعونها، مما يدفعهم لإرسال الأموال دون التأكد من مصداقيتها.

image «من البكاء إلى الربح».. كيف حول التسول الإلكتروني وسائل التواصل إلى أداة لاستغلال الجمهور؟

الآثار السلبية للظاهرة

ضياع الثقة، كثرة القصص غير الحقيقية أدت إلى زيادة الشك لدى الجمهور، مما قد يؤثر سلباً على الأشخاص المحتاجين للمساعدة الحقيقية.

تشجيع الاعتماد على الآخرين، يجد بعض الأفراد في هذه الظاهرة وسيلة سهلة للعيش دون بذل جهد حقيقي.

زيادة عمليات الاحتيال، غالباً ما يتبيّن أن الأشخاص الذين يدّعون الحاجة يعيشون في ظروف مادية جيدة، مما يجعل الأمر استغلالاً متعمداً لتعاطف الآخرين.

19_2020-637412251308979981-897 «من البكاء إلى الربح».. كيف حول التسول الإلكتروني وسائل التواصل إلى أداة لاستغلال الجمهور؟

سبل مواجهة الظاهرة

زيادة وعي المستخدمين، من الضروري أن يكون الجمهور أكثر حرصاً، وألا يقوم بتحويل الأموال إلا بعد التأكد من مصداقية الحالات.

فرض قيود من قبل المنصات، يجب على منصات التواصل الاجتماعي اتخاذ إجراءات صارمة للحد من استغلال خاصية الهدايا المالية بطرق غير مشروعة.

دعم الجمعيات الخيرية الموثوقة، بدلاً من إرسال الأموال لأشخاص مجهولين، ينبغي توجيه التبرعات إلى الجهات الموثوقة التي تقدم المساعدة الحقيقية للمحتاجين.

 

 

مشاركة علي

إرسال التعليق