كتب: محمود فتحي
في ظل الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، أصبحت الأغاني تتحول إلى “تريندات” لحظية، تتصدر قوائم الاستماع بسرعة البرق، ثم تختفي أحيانًا بنفس السرعة.
فأصبح في زمن تتحكم فيه الخوارزميات في خياراتنا الفنية، الحفاظ على الذوق العام مسؤولية مشتركة بين الفنانين والجمهور، وبينما لا يمكننا تجاهل قوة السوشيال ميديا في تشكيل الذوق العام، يبقى الرهان على الوعي النقدي والتمسك بجوهر الفن كوسيلة للتعبير الراقي عن الذات والمجتمع.
يرى البعض أن هذه الظاهرة تعكس ديناميكية العصر الرقمي، ويحذر آخرون من تداعياتها السلبية على الذوق الفني العام، وتحويل الفن إلى سلعة استهلاكية عابرة. فما تأثير “التريند” على صناعة الموسيقى؟ وكيف يؤثر على القيم الفنية والفنية العامة؟
كيف تصنع الأغنية “التريند”؟
وفقًا لتقرير صادر عن الاتحاد الدولي للصناعة الفوتوغرافية (IFPI) لعام 2023، فإن أكثر من 50% من الأغاني التي تتصدر قوائم الاستماع العالمية تحقّق شهرتها عبر منصات مثل تيك توك وإنستجرام ريلز، وليس عبر الإذاعات أو وسائل الإعلام التقليدية.
أما عن عناصر صناعة التريند الغنائي، في الإيقاع السريع والجذاب، ليناسب المقاطع القصيرة (15-30 ثانية)، وكلمات بسيطة وسهلة للترديد، بحيث يسهل استخدامها في التحديات والفيديوهات، إضافة إلى دعم مشاهير السوشيال ميديا: عبر الرقصات أو المشاهد التمثيلية باستخدام الأغنية.
التأثير على الذوق العام
ترى الدكتورة شيرين كمال، أستاذة النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون، أن تحول الأغنية إلى منتج سريع الاستهلاك يفقدها الكثير من معايير الجودة الفنية.
وأضافت الدكتورة شيرين كمال: “هناك انزياح واضح نحو أنماط غنائية تعتمد على الإيقاع واللازمة اللفظية الرنانة دون الاهتمام باللحن أو الكلمة”.
مشيرة إلى أن سيطرة التريندات على المشهد الفني جعلت الأعمال الرصينة أكثر صعوبة في الوصول إلى الجمهور، لصالح الأغاني السريعة التي تحقق مشاهدات ضخمة خلال وقت قصير.
ملامح التأثير السلبي
وأكدت أستاذة النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون، أن من ملامح التأثير اختفاء الأغنية الطويلة فأصبحت الأغاني لا تتجاوز 2 إلى 3 دقائق، إضافة إلى تراجع الاهتمام بالكلمة لصالح الجملة السريعة القابلة للانتشار.
كما أضافت أن من بين التأثير السلبي هو تسليع الفن، ويعني إنتاج الأغاني بناءً على خوارزميات الانتشار، وليس الإبداع الفني.
نماذج من تريندات الأغاني الحديثة
ولفتت إلى أن أغنية “بالبنط العريض” للفنان حسين الجسمي، تحولت إلى ظاهرة رقمية، مما أدى إلى انتشارها عربيًا وعالميًا عبر تحديات تيك توك.
أما أغنية “الغزالة رايقة”، أصبحت تريند بين الأطفال والكبار، لكنها واجهت نقدًا واسعًا بأنها اعتمدت فقط على الإيقاع الخفيف دون عمق في الكلمات.
الجانب الإيجابي لتريندات الأغاني
وعلى الرغم من الانتقادات، يرى البعض أن تريندات الأغاني، تساعد في انتشار فنانين جدد لم تكن لديهم فرصة عبر القنوات التقليدية، وتجدد الأشكال الموسيقية وتدخل إيقاعات عالمية جديدة.
كما تجعل الموسيقى أكثر تفاعلية ودمجًا مع الحياة اليومية.
كيف نحافظ على الذوق الفني؟
ودعت الدكتورة شيرين كمال، إللى دعم المؤسسات الثقافية، من خلال إنتاج فن راقٍ قادر على المنافسة في عالم السوشيال ميديا، والتوعية الموسيقية عبر المدارس والإعلام لتعزيز ثقافة الاستماع الواعي.
كما طالبت بتشجيع الفنانين الحقيقيين الذين يجمعون بين الإبداع والجاذبية الجماهيرية.
مشاركة علي
إرسال التعليق