كتب عبدالله القزاز

في السنوات الأخيرة، لم تعد القضايا الاقتصادية حكرًا على المتخصصين، أصبحت أزمات مثل سعر الدولار، وتغيرات سوق الذهب، وحتى الموازنة العامة للدولة، مادة خصبة للترندات على مواقع التواصل الاجتماعي، يتداولها الملايين ويصيغون حولها عشرات الروايات والتحليلات.

فهل هذا التحول يعكس وعيًا حقيقيًا بالاقتصاد؟ أم أنه مجرد موجة من الإثارة قد تجر المجتمع إلى فوضى معرفية؟ في هذا التحقيق، نحاول فهم تأثير الترندات الاقتصادية على وعي المصريين، ومدى مسؤولية الإعلام التقليدي في التعامل معها، مستشهدين برأي الخبير الاقتصادي ورئيس الجالية المصرية بالبحرين، الدكتور رامي لبيب علم الدين.

وعي متزايد.. لكن محفوف بالمخاطر

يرى د. رامي أن “التحول الذي شهدناه من اقتصار القضايا الاقتصادية على المتخصصين إلى جعلها موضوعًا عامًا يعكس حالة من الوعي المتزايد”، لكنه يُحذر في الوقت نفسه من مخاطر التناول السطحي للمعلومات الاقتصادية، مؤكدًا أن “التبسيط المبالغ فيه أو تداول معلومات غير دقيقة قد يؤدي إلى ارتباك الجمهور”.

هل يتابع الناس الاقتصاد بدافع الوعي.. أم الفضول؟

المتابع لحركة السوشيال ميديا يلاحظ أن أي خبر اقتصادي بات كافيًا لإشعال موجة تعليقات وتحليلات، سواء من الجمهور العادي أو من صناع المحتوى.

لكن د. رامي يرى أن الدوافع تختلف: “هناك من يتابع بدافع الوعي والمعرفة، خصوصًا من لديهم استثمارات أو من المصريين بالخارج، بينما البعض الآخر يتابع بدافع الفضول والإثارة، خاصة في وقت الأزمات”.

الإعلام التقليدي.. هل تأخر عن اللحاق بالترند؟

مع سرعة انتشار الشائعات على السوشيال، يتهم البعض الإعلام التقليدي بأنه بطيء ولا يواكب اللحظة، ويؤكد د. رامي أن “الإعلام لا يزال المصدر الأساسي للمعلومات الموثوقة، لكنه بحاجة إلى تطوير أساليبه والتنسيق مع المنصات الرقمية لتقديم تحليلات دقيقة وسهلة الفهم”.

صورة مصر أمام العالم.. تتشكل من الترندات

لم تعد الترندات محصورة بالداخل فقط، بل امتد تأثيرها إلى نظرة المجتمعات الأخرى لمصر.
“الرأي العام الدولي يتأثر بما يُنشر عن مصر على منصات التواصل”، يوضح د. رامي، محذرًا من أن “بعض المجتمعات المجاورة تأخذ انطباعات مغلوطة بناءً على الترندات أكثر من التصريحات الرسمية”.

مشروعات قومية.. لا تجد طريقها إلى الترند

ورغم أهمية المشروعات القومية الكبرى، مثل العاصمة الإدارية ومبادرة “حياة كريمة”، إلا أن د. رامي يأسف لعدم اهتمام السوشيال بها بالشكل الكافي، موضحًا أن “المحتوى الجاد لا ينتشر بنفس سرعة المحتوى الذي يثير الجدل”.

رسالة إلى صناع المحتوى

في ختام حديثه، يوجّه د. رامي رسالة مهمة لصناع المحتوى الاقتصادي: “عليكم أن تكونوا واعين بتأثير الكلمة، فالمعلومة الاقتصادية تمس استقرار الأفراد والأسر، تأكدوا من دقة المعلومات، وادعموا جهود الدولة في التنمية من خلال محتوى توعوي يُظهر التقدم الحقيقي”.