أحمد طنطاوي.. يكتب
في ظل الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، بات تحقيق “الترند” أمرًا سهلًا، لكنه كثيرًا ما يُكتسب على حساب القيم الأخلاقية والاجتماعية، لتبرز في المشهد الرقمي ظاهرة استعراض بعض الفتيات لأجسادهنّ والرقص في أماكن عامة، ثمّ نشر المقاطع بهدف زيادة عدد المتابعين، من دون وعي بالعواقب القانونية والمجتمعية المحتملة.
آخر هذه الحوادث ما وقع داخل مترو الخط الثالث بالقاهرة، حين صوّرت فتاتان فيديو راقص داخل إحدى العربات، في مشهد غريب عن تقاليد المجتمع المصري المحافظ. انتشر الفيديو بسرعة عبر “تيك توك” و”إنستجرام”، محققًا آلاف المشاهدات والتعليقات، قبل أن تتدخل الأجهزة الأمنية وتقبض على الفتاتين بتهمة ارتكاب “فعل فاضح في مكان عام”.
أثار هذا الحادث جدلًا حادًا بين فريقٍ يرى فيه حرية شخصية يجب احترامها، وفريقٍ آخر يؤكد أن حرية الفرد تتوقف حيث تمسّ قيم المجتمع أو تنتهك القانون، فالشارع المصري المحافظ يرفض تحويل الأماكن العامة إلى مسارح استعراضية تقلل من مكانة المرأة وتناقض التقاليد السلوكية الراسخة.
من منظور مختصّي علم الاجتماع، تعكس هذه التصرفات أزمة أعمق تتعلق بفراغٍ قيمي يعيش فيه بعض الشباب، نتيجة غياب التوجيه الأسري وتراجع الدور التربوي للمؤسسات التعليمية والإعلامية، ويحذّر هؤلاء من تأثير مثل هذه النماذج على الفتيات الصغيرات، اللواتي قد يسعين لتقليدهنّ بحثاً عن القبول أو الشهرة السريعة.
على الصعيد القانوني، يشير خبراء القانون إلى أن تصوير مقاطع الرقص في الأماكن العامة ونشرها بطريقة توحي بالإباحية يُصنّف ضمن الأفعال “المنافية للآداب” ويُعاقب عليه وفقاً للقانون المصري، خصوصاً إذا تضمن إساءة استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي.
في الختام.. يبقى السؤال: إلى متى ستظلّ الشهرة السريعة مبرّرًا لانتهاك القيم؟ وهل تحولت منصات التواصل إلى ساحات مفتوحة بلا ضوابط، يهيمن عليها عرض “اللا محتوى”؟ الأكيد أن المجتمع في حاجةٍ إلى وقفة جادة، لا تقتصر على التشديد الأمني والعقابي فحسب، بل تشمل إعادة بناء الوعي وتقديم نماذج بديلة تُلهم ولا تُفسد.
مشاركة علي
إرسال التعليق