مصر تُشعل شرارة النمو بخفض الفائدة.. تسريع للتمويل وتحدٍّ لعوائد المدّخرين

احمد علي.. يكتب:

في 17 أبريل 2025، قرر البنك المركزي المصري خفض سعر الفائدة على كلي الإقراض والإيداع بمقدار 225 نقطة أساس، ليصبح سعر الإقراض 26٪ وسعر الإيداع 25٪، وجاء هذا القرار بعد أكثر من ثلاث سنوات من رفع الفائدة، ليُعد أول خفض للفائدة منذ نوفمبر 2020.

واستند البنك المركزي إلى تراجع التضخم بشكل ملحوظ من 38٪ في سبتمبر 2023 إلى 13.6٪ في مارس 2025، بالإضافة إلى بدء تعافي النمو الاقتصادي بأكثر من 4.3٪ في الربع الأول من 2025، وتوقع المركزي استمرار انخفاض التضخم خلال العامين المقبلين، مما أتاح له “مساحة كافية” لبدء دورة تيسير نقدي.

اتخذت لجنة السياسة النقدية قرار الخفض بعد رفع سابق للفائدة بمقدار 600 نقطة أساس في مارس 2024، في إطار برنامج صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، كما جاء القرار في وقت يشهد انحسارًا للصدمات التضخمية العالمية، بالإضافة إلى قاعدة إحصائية قوية، مما مهد الطريق للقرار الأخير.

وجاء خفض الفائدة نتيجةً للعديد من المؤشرات الإيجابية، منها تراجع التضخم، حيث انخفض معدل التضخم من 38٪ في سبتمبر 2023 إلى 13.6٪ في مارس 2025، وهو أدنى مستوى منذ منتصف 2022.

إضافة إلى تعافي النمو الاقتصادي، حيث أظهرت المؤشرات الاقتصادية للربع الأول من 2025 نموًا بنسبة 4.3٪، مما يعكس تحسنًا في الأداء الاقتصادي.

الأثر الاقتصادي لذلك يتضمن تخفيف أعباء خدمة الدين، فيُقدّر خبراء المالية أن خفض الفائدة بهذا الحجم سيخفض فاتورة خدمة الدين الحكومي والخاص بنحو 1.6 مليار دولار لكل نقطة أساس، وهذا يُعد مصدرًا إضافيًا للموارد التي يمكن توجيهها لتمويل مشروعات البنية التحتية والتنمية الاقتصادية في البلاد.

كما سؤدي إلى خفض الفائدة إلى انخفاض الفائدة على القروض المرتبطة بمعدلات البنك المركزي، مما يُتوقع أن يشجع الشركات والأفراد على الحصول على تمويلات أرخص، مما يعزز النشاط الاقتصادي في قطاعات مثل البناء، السياحة، والصناعة.

إضافة إلى تراجع عوائد المدخرين، فأسهم خفض سعر الإيداع إلى 25٪ في تراجع عوائد الشهادات البنكية والودائع الثابتة، وبذلك، فإن المدخرين قد يضطرون إلى البحث عن أدوات استثمارية بديلة، مثل الصناديق العقارية أو الاستثمار في شراء العقارات، لتحقيق عوائد أعلى.

رغم التراجع العام في التضخم، لا تزال أسعار بعض السلع الأساسية، مثل الغذاء، ترتفع بوتيرة أسرع من المعدل العام (6.6٪ في مارس 2025)، هذا الوضع يزيد من العبء على الأسر ذات الدخل المحدود ويُبرز أهمية برامج الدعم الحكومي والتموين لتخفيف الأثر على هذه الفئات.

محللون اقتصاديون قالوا: “قد يكون خفض الفائدة خطوة معتدلة في ظل حالة عدم اليقين العالمية بسبب سياسات التعريفات الأمريكية، لكن الفائدة على النمو طويلة الأمد واضحة”، ومحللون في وكالة بلومبرغ قال: “أي دورة تيسير نقدي لاحقة تعتمد على استمرار تناقص التضخم الأساسي دون التسبب في ضغط تضخمي ثانوي”.

ومن المتوقع أن تستمر لجنة السياسة النقدية في خفض الفائدة تدريجيًا خلال الاجتماعات المقبلة إذا حافظ التضخم على مساره الهبوطي نحو 10–12٪ بنهاية 2025، وهذا قد يعزز من فرص التمويل الرخيص ويدعم الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

في الختام.. يمثل خفض الفائدة في مصر بداية لدورة تيسير نقدي طال انتظارها منذ خمس سنوات. هذا القرار يأتي في وقت تتزايد فيه الحاجة لتحفيز النمو الاقتصادي، لكن مع وجود تحديات تتعلق بارتفاع الأسعار وضغوط المدخرين، من هنا، تظهر أهمية تكامل السياسات النقدية مع الإجراءات الاجتماعية والهيكلية، لضمان استفادة جميع فئات المجتمع من هذه السياسات، بما في ذلك الطبقات الأكثر ضعفًا اقتصاديًا.

 

مشاركة علي

إرسال التعليق