تأثير السوشيال ميديا على العلاقات الاجتماعية

محمود فتحي.. يكتب:

في العقدين الأخيرين، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، حيث يعتمد عليها الملايين للتواصل، تبادل المعلومات، ومتابعة الأخبار،  ومع ذلك، يثار جدل مستمر حول مدى تأثيرها على العلاقات الاجتماعية، فهل عززت الروابط بين الأفراد أم أدت إلى عزلة اجتماعية غير مسبوقة؟

هذا المقال يحلل التأثيرات المتباينة للسوشيال ميديا على العلاقات الاجتماعية، مسلطًا الضوء على إيجابياتها وسلبياتها، وكيفية تحقيق توازن بين العالم الافتراضي والحياة الواقعية.

فهناك العديد من التأثيرات الإيجابية للسوشيال ميديا على العلاقات الاجتماعية، ومنها تعزيز التواصل بين الأفراد، فأحد أكبر فوائد وسائل التواصل الاجتماعي هو القدرة على إبقاء الناس على اتصال بغض النظر عن المسافات، فمثلًا، يتيح تطبيق WhatsApp للأفراد إرسال الرسائل الفورية وإجراء المكالمات بالصوت والفيديو، مما يساعد العائلات المغتربة على التواصل الدائم.

كما تعمل التأثيرات على إعادة إحياء العلاقات القديمة، فتمكّن منصات مثل Facebook وInstagram الأشخاص من إعادة التواصل مع أصدقاء الدراسة أو زملاء العمل السابقين، مما يعيد إحياء العلاقات التي كان من الممكن أن تنقطع لولا هذه الوسائل.

أيضا لها القدرة على توفير منصات للنقاشات الاجتماعية، تتيح المنتديات والمجموعات على Reddit وFacebook مناقشة قضايا اجتماعية وثقافية تهم المجتمع، مما يعزز من الحوار المفتوح حول قضايا مثل المساواة، التعليم، والصحة النفسية.

ولكن في نفس الوقت لا يجب أن نغفل الآثار السلبية للسوشيال ميديا على العلاقات الاجتماعية، فهي تعمل على التقليل من التواصل الحقيقي، فعلى الرغم من تسهيل التواصل الافتراضي، إلا أن العديد من الدراسات تشير إلى أن الاستخدام المفرط للسوشيال ميديا قد يؤدي إلى تراجع مهارات التواصل الشخصي، حيث يفضل البعض التفاعل عبر الشاشات بدلاً من الاجتماعات الواقعية.

الإدمان والعزلة الاجتماعية خطر آخر، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة هارفارد، فإن الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لأكثر من 3 ساعات يوميًا يعانون من معدلات أعلى من العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة مقارنةً بغيرهم.

ولا يمكن إغفال دورها في التأثير السلبي على العلاقات الأسرية، فالكثير من الأزواج والآباء يشكون من أن أفراد الأسرة أصبحوا أكثر انشغالًا بهواتفهم بدلًا من التفاعل مع بعضهم البعض، مما يؤدي إلى فتور في العلاقات العائلية.

في النهاية.. يمكننا تحقيق التوازن من خلال الاستفادة القصوى من وسائل التواصل الاجتماعي وتجنب آثارها السلبية، بتحديد أوقات معينة لاستخدامها، والتفاعل مع الأشخاص وجهًا لوجه قدر الإمكان، والابتعاد عن الإدمان الرقمي. تحقيق هذا التوازن يساعد في بناء علاقات اجتماعية أقوى وأكثر صحة.

مشاركة علي

إرسال التعليق