أحمد طنطاوي.. يكتب:
لم يكن ما قدّمه محمد رمضان في حفلته الأخيرة بالولايات المتحدة، مجرد عرضٍ غنائي عابر، بل هو مشهدٌ إضافيٌ إلى سجلّ تصرّفاته المثيرة للجدل، فتبدّل تركيز الجمهور من تقييم أدائه أو تفاعل الحضور، إلى التساؤل عمّا ارتداه وكيفية تصرّفه، وما رافق ذلك من تصريحات اعتُبرت تجاوزاً للياقة.
ظهر رمضان بزيٍّ وصفه كثيرون بأنّه أقرب إلى «بدلة رقص نسائية»، فأثار صدمةً لدى شريحة واسعة من المتابعين في الوطن العربي والجاليات بالخارج، فرأى البعض في هذا المظهر جرأةً فنية، بينما اعتبره آخرون استعراضاً رخيصاً لا يليق بمقام فنانٍ يتمتَّع بشعبيةٍ واسعة. وفي المحصّلة، اتفق معظمهم على أنّ هذا الظهور خالف الذوق العام واستهدف استفزاز المشاهدين، بعيداً عن أيّ مضمونٍ فنّي أو تجربة إبداعية جديدة.
ولم يكتفِ رمضان بذلك، بل عاود الظهور في بثٍّ مباشر ليرشق الشتائم في حقّ المستشار مرتضى منصور، مستخدماً ألفاظاً جارحةً لا تنسجم مع أدبيات الحوار العام، خصوصاً من شخصيةٍ يتابعها الملايين. بدا في ذلك المشهد أنّه فقد سيطرته على صورته، ومضى في نسف ما تبقّى من احترامٍ لدى قسمٍ من جمهوره.
ولم يُبدِ المتابعون أيَّ رحمةٍ أو تبريرٍ، بل هيمنت ردود فعلهم على خيبة الأمل الشديدة، وعاد السؤال الأهم ليتردّد: إلى أين يستهدف رمضان الوصول؟ وهل يظنّ أنّ النجومية تمنحه الحق في جميع التصرفات؟ أم أنّه تائهاٌ فقد بوصلة المسؤولية الفنية والاجتماعية؟
ما لا يدركه رمضان أو يتجاهله أنّ الفنّ ليس مجرّد أضواءٍ وبهرجةٍ وثراء، بل يحمل مسؤوليةً أخلاقيةً وثقافيّةً، والجمهور الذي صنع من نجوميّته قاعدةً صلبةً، قادرٌ في لحظةٍ أن يسحب منه هذا المجد. وفي زمنٍ باتت فيه الشهرة متاحةً بلمسة شاشة، لم يعد البقاء في القمة مرهوناً فقط بإثارة الجدل، بل بالاحترام والوعي وحسن التقدير، وهي قيم يبدو أنّه بدأ يتخلّى عنها واحداً بعد الآخر
مشاركة علي
إرسال التعليق