كتب.. أحمد طنطاوي
في مشهد يتكرر بشكل مؤلم، استفاق أهالي إحدى قرى الدلتا على خبر مفجع: شاب في مقتبل العمر أنهى حياته بتناول “حبة الغلة”، الكبسولة القاتلة التي أصبحت “وسيلة انتحار شعبية” نظرًا لسهولة الحصول عليها وسرعة مفعولها.
“الموت في متناول اليد”
تُستخدم “حبة الغلة” عادة لحفظ المحاصيل من الآفات الزراعية، ولكنها تحولت إلى وسيلة مأساوية لإنهاء الحياة في دقائق معدودة، تحتوي هذه الحبة على مادة فوسفيد الألومنيوم، التي تتحول عند تعرضها للرطوبة إلى غاز قاتل، لا يترك للضحية فرصة للنجاة، حيث تؤدي إلى فشل كامل في الجهاز التنفسي وانهيار وظائف الجسم خلال ساعات.
الإحصائيات في تزايد: أكثر من 2,500 حالة انتحار في 2023
حسب بيانات مراكز السموم المصرية، تم تسجيل أكثر من 2,500 حالة انتحار باستخدام “حبة الغلة” في عام 2023، مع زيادة ملحوظة مقارنة بالسنوات السابقة؛ حيث كانت الحالات في 2022 تبلغ 2,100، وفي 2021 نحو 1,800 حالة. ومن المثير للقلق أن غالبية الضحايا تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عامًا، وهي الفئة التي يُفترض أن تكون الأكثر تمسكًا بالحياة.
“أرخص من زجاجة مياه”
المفارقة المحزنة هي أن “حبة الغلة” تُباع بسعر يقل عن 3 جنيهات، أي أقل من زجاجة مياه معدنية، ويمكن لأي شخص الحصول عليها بسهولة من محلات بيع المبيدات الزراعية دون أي رقابة. بينما يتطلب شراء العديد من الأدوية وصفة طبية مشددة، لا يُطلب أي إثبات للشراء عند الحصول على “حبة الغلة”، مما يتيح لأي شخص الوصول إليها بسهولة.
قصص مأساوية من مختلف أنحاء مصر
في محافظة المنوفية، أقدمت طالبة جامعية على إنهاء حياتها بتناول “حبة الغلة” بعد خلاف عائلي بسيط، تاركة وراءها رسالة تقول: “سامحوني لم أعد أحتمل”. وفي الصعيد، انتحر شاب في العشرينات من عمره بنفس الطريقة بسبب تراكم الديون عليه، هذه الحوادث ليست فردية، بل تتكرر يوميًا في مختلف أنحاء البلاد.
التشديد هو الحل، وليس التوعية فقط
على الرغم من الحملات الإعلامية التي تحذر من خطورة هذه الحبة، إلا أن غياب الرقابة الصارمة جعلها متاحة بسهولة للجميع. الخبراء يطالبون بضرورة تشديد الرقابة على بيع “حبة الغلة”، وإلزام المحال الزراعية بالحصول على تصاريح لبيعها، أو استبدالها بمواد أقل خطورة.
كما أكد أحد الأطباء في مركز السموم، فإن حالات التسمم بهذه المادة أصبحت عبئًا على المستشفيات، خاصة وأنه لا يوجد ترياق فعال لها، مما يجعل فرص النجاة ضئيلة للغاية.
مشاركة علي
إرسال التعليق