كارثة صادمة “حبة الغلة” تواصل حصد أرواح الشباب في مصر

في مشهد بات يتكرر مراراً، استيقظ أهالي إحدى قرى الدلتا على خبر مفجع: شاب في مقتبل العمر أنهى حياته بتناول “حبة الغلة”، تلك الكبسولة القاتلة التي تحولت إلى “وسيلة انتحار شعبية” بسبب سهولة الحصول عليها وسرعة مفعولها.

“الموت في متناول اليد”

تُباع “حبة الغلة” في الأسواق المصرية كوسيلة فعالة لحفظ المحاصيل من الآفات، لكنها في المقابل أصبحت وسيلة لإنهاء الحياة خلال دقائق،تحتوي هذه الحبة على مادة فوسفيد الألومنيوم التي تتحول عند تعرضها للرطوبة إلى غاز قاتل، لا يترك للضحية فرصة للنجاة، حيث تؤدي إلى فشل كامل في الجهاز التنفسي وانهيار وظائف الجسم خلال ساعات.

وفقًا لبيانات حديثة صادرة عن مراكز السموم المصرية، فقد تم تسجيل أكثر من 2,500 حالة انتحار بحبة الغلة خلال عام 2023، بزيادة ملحوظة عن الأعوام السابقة، حيث تم تسجيل 2,100 حالة في 2022 و1,800 حالة في 2021. المقلق في الأمر أن النسبة الأكبر من الضحايا تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عامًا، وهي الفئة التي يُفترض أن تكون الأكثر تمسكًا بالحياة.

“أرخص من زجاجة مياه”

المفارقة العجيبة أن هذه الحبة القاتلة تُباع بسعر لا يتجاوز 3 جنيهات، أي أقل من زجاجة مياه معدنية، ويمكن لأي شخص شراؤها بسهولة من محلات المبيدات الزراعية دون أي رقابة أو ضوابط، وبينما يتطلب شراء بعض الأدوية وصفة طبية مشددة، يمكن لأي شخص أن يحصل على “حبة الغلة” في دقائق، ليضع حداً لحياته في لحظة يأس.

قصص من قلب المأساة

في محافظة المنوفية، أقدمت طالبة جامعية على إنهاء حياتها بهذه الحبة بعد خلاف عائلي بسيط، تاركة وراءها رسالة تقول: “سامحوني لم أعد أحتمل”، بينما في الصعيد، أقدم شاب عشريني على الانتحار بنفس الطريقة بعد تراكم الديون عليه. هذه ليست حوادث فردية، بل قصص تتكرر يوميًا في مختلف أنحاء البلاد.

“الحل في التشديد وليس التوعية فقط”

وعلى الرغم من الحملات الإعلامية التي تحذر من خطورة هذه الحبة، فإن غياب الإجراءات الصارمة جعلها متاحة لكل من يبحث عن مخرج سريع من معاناته. الخبراء يطالبون بضرورة تشديد الرقابة على بيع “حبة الغلة”، وإلزام المحال الزراعية بالحصول على تصاريح لبيعها، أو استبدالها بمواد أقل خطورة.

“إذا لم نتحرك الآن، فسنجد أنفسنا أمام كارثة أكبر”، هكذا علّق أحد أطباء مركز السموم، مضيفًا أن حالات التسمم بهذه المادة أصبحت عبئًا كبيرًا على المستشفيات، خاصة وأنه لا يوجد ترياق فعال لها، مما يجعل فرص النجاة ضئيلة للغاية.

متى نتحرك؟

بينما يستمر نزيف الأرواح، يبقى السؤال: هل سننتظر المزيد من الضحايا قبل أن يتحرك المسؤولون؟ أم أن “حبة الغلة” ستظل كابوسًا يطارد الأسر المصرية، يحصد الأرواح بصمت، دون رادع أو تحرك جاد؟

مشاركة علي

إرسال التعليق

اقرء ايضا